Menu

ما الذي يعنيه قتلنا؟ 

بوابة الهدف الإخبارية

خاص بوابة الهدف

بينما يشير النظام العالمي بأبرز أقطابه لقتل العدو للشهيد عمار مفلح بجانب ٩ آخرين من الفلسطينيين في شوارع الضفة، باعتباره استخدام للقوة المميتة أو استخدام مفرط للقوة، يدرك الفلسطيني جيدًا أن غزو الصهاينة ل فلسطين منذ بدايته وحتى اللحظة مرورًا بكل يوم من أيام العدوان هو محض استخدام لقوة مميتة في قهر شعب وسلب أرضه وتنفيذ أعمال إبادة بحقه.

كفلسطينيين وعرب وشعوب مقهورة؛ ندرك أننا نقتل بفعل قوة مميتة يسلحها النظام العالمي ويغطيها سياسيًا ويدعمها ماليًا، ولسنا بحاجة لأن يخبرنا داعمي العدوان بذلك، وإذا كان اعتراض هذه الأطراف على هذه الواقعة تحديدًا كونها وثقت بعدسات الكاميرات، أو ربما لأنها تشبه مشاهد قتل الشرطيين في العواصم الغربية لبعض الفقراء والسود، وقد تستثير مشاعر مشابهة، فإن مشاهد ووقائع غارات طيران العدو التي تقتل العشرات من المدنيين دفعة واحدة وتهدم أحياء بأكملها فوق رؤوس ساكنيها قد حظيت بغطاء كامل من هذه المنظومة، بل إن هذه الغارات قد نفذت بطائرات وذخائر صنعتها الولايات المتحدة وحلفائها. 

إن الغزاة الصهاينة على أرض فلسطين لن يعاقبوا من قبل داعميهم، من سيفعل ذلك فقط شعب فلسطين وداعميه الحقيقيين، وهو يفعل ذلك بالفعل من خلال مقاومته اليومية ضد العدوان؛ مقاومة رغم بساطة أدواتها واختلال معادلة القوة بينها وبين الجلاد ما زالت الأداة الوحيدة التي تكفل بعض الردع لهذا العدو، وتسهم في تقليص مساحة جرائمه وعدوانه، وما عدا ذلك يتضح النفاق الغربي والإمبريالي جليًا في تعبيرات الإدانة هذه، ربما أكثر مما يتضح في تعبيرات الدعم لجرائم العدو؛ تنصب الأطراف الاستعمارية الداعمة للعدو نفسها قاضيًا هنا وتقرر أن هذا استخدام مميت للقوة، وكأن ما يحدث يوميًا هو رش للماء على الأزهار؛ أجيال من الشباب الفلسطيني في عمر الورد حصدتها رشاشات وقذائف وقنابل العدوان عام بعد عام، وأكثر من مليون فلسطيني أكلت السجون سنوات عمرهم ولحمهم الحي، فيما يفتك حصار مشدد يفرضه العدو بشراكة كاملة مع هذه القوى الاستعمارية بملايين من الفلسطينيين. 

لسنا بحاجة للبحث عن تفسيرات حول دوافع المستعمر الإدانات جزئية لبعض جرائم ذراعه الصهيوني، فكل فلسطيني يدرك من يقف في معسكر عدوه، ولكن هذا الدم المسفوك يوميًا في شوارعنا والأرواح المهددة بالقتل، ومصير شعب بأكمله، هو ما يوجب البحث عن أدوات الردع لجرائم العدوان، هذا ليس بحث عن تغليب وجهة نظر حول جدوى المقاومة، بل ضرورة وجودية يقتضيها البحث عن وقف الإبادة، في فلسطين الناس يموتون والقاتل معروف ولا رادع له سوى استعداد من يقاتل للموت فداء للآخرين ودفاعًا عن شعبهم.

إن انتظار تحول في معادلات القوة الدولية، أو الاستمرار في الرهان على تبدل المزاج في العواصم الاستعمارية بشأن الغزاة الصهاينة وجرائمهم سلوك مميت، ووصفة للانتحار وهدر لعوامل وموارد القوة المحدودة في سلة الضحية. والحقيقة المرة أن قوى الاستعمار ما زالت هي من يحدد خطوط وحدود ومساحات التضامن والإدانة، ومعايير الجرائم المدعومة وتلك المنبوذة، وذلك ليس بفعل عوامل قوتها المادية فحسب، ولكن أيضًا بفعل ذلك الاستسلام المشين لهيمنتها، واستمرار الضعف في إرادة وممارسات الأطراف الممثلة رسميًا للضحايا؛ معسكر أصدقاءنا ونحن أيضًا لا نفتقد فقط لعوامل القوة، ولكن أيضًا للاستعداد لخوض معركة واضحة الملامح لفرض معاييرنا أو لنقل المعايير المنطقية بشأن تسمية الجريمة باسمها، فقد لا نستطيع جر مجرمي الحرب الصهاينة للمحاكم الدولية كل يوم، ولكن على الأقل بوسعنا أن نحاول فضح زيف هذه المنظومة برمتها واتخاذ مواقف حقيقية مضادة لها.